اليمن

دمّرت سنواتُ الحربِ الشّعواء اليمنَ وأسفرت عن أسوأ أزمةٍ إنسانيّة في العالم. في نيسان/ أبريل من العام 2022، اتّفقَت الأطراف المُتحاربة على هدنةٍ كانَ في إمكانها أن تُمِّهدَ السّبيل أمامَ إجراء محادثاتِ سلامٍ جديّة. لكنّ الهدنة انتهت ولم تمدّد في تشرين الأول/أكتوبر 2022. وقد أقامَ المركز الدّولي للعدالة الانتقاليّة شراكةً مع مجموعات المجتمع المدنيّ ومجموعات الضّحايا من أجلِ دفع مُبادرات المُحاسبة قدمًا وتعزيز العدالة الانتقاليّة. ويدعم المركز "اللّجنة الوطنيّة للتحقيق في ادّعاءات انتهاكات حقوق الإنسان".

الصورة
A group of men and women stand outside, gathered around papers.

(NCIAVHR) 

حالياً

الخلفيّة: النّضالُ في سبيلِ السّلام والعدالة والمُحاسبة

بعدَ الاحتجاجات الّتي شهدها اليمن في العامّ 2011، مرّ البلدُ بسلسلةٍ من الاضطرابات السّياسيّة ودوامات العنف الّتي أدّت إلى نشوبِ حربٍ أهليّة كاسحة في العام 2014. ثمّ تفاقمت الحربُ حينَ تدخّلَ التّحالف بقيادة السّعودية نيابةً عن الحكومة المُعترف بها دوليًّا وشنَّ هجماتٍ على الحوثيين المُتحالفينَ مع الرّئيس السّابق علي عبد الله صالح.

أسفرَت الحرب عمَّا يزيد عن 350 ألف حالةِ وفاةٍ، يُعزَى أكثرُ من نصفها إلى أسبابٍ غير مُباشرة مثلَ الجوعِ ورداءة الرّعاية الصّحيّة. هذا وقد نزحَ نحو 4 ملايين شخصٍ أيضًا. ومِن المعلوم أنَّ اليمنَ كانَ أشدُّ البلدان فقرًا في العالم العربيّ، حتّى قبلَ نشوب الحرب فيه. ويعتبرُ الوضع الرّاهن في اليمن أسوأ أزمةٍ إنسانيّة شهدها العالم على الإطلاق.

توصّلت وساطة الأمم المُتّحدة إلى إبرامِ هدنةٍ بين الحكومة المُعترف بها دوليًّا والحُوثيين، دخلت حيّز التّنفيذ في نيسان/ أبريل من العام 2022، وكان من شأنها أن خفّفت من حدّة الاقتتال. لكنّ الأطراف المتنازعة لم تنجح في الاتّفاقِ على تمديد الهدنة قبل حلولِ موعدِ انتهائها في 2 تشرين الأول/أكتوبر. وحتّى أثناء سريانِ مفعولِ الهدنة خرقَت الأطراف المُتحاربة مرارًا وقف إطلاق النّار، ورفضت رفضًا قاطعًا أن تُقرّ بالاعتداءات الّتي ارتكبتها، وهو ما من شأنهِ أن صعّبَ على الضّحايا التّصديق بأنَّ الهدنة قد تؤولُ إلى إبرام اتّفاق سلامٍ دائمٍ، وبأنّهم سينالُون، يومًا ما، نصيبهم من العدالة وجبر الضّرر.

وقد أمعنَ النّزاع في إضعاف النظام القضائي اليمنيّ الّذي استُهدِفَت مقرّاته وهُدِّدَ أعضاؤه. هذا وتفتقر الحكومة الحاليّةُ السّلطةَ الفعليّةَ الّتي تُخوّلها حمايته وصونَه. لذا، فإنّ إدخالَ إصلاحاتٍ جوهريّة رامية إلى تعزيز استقلاليّة القضاء وبناءَ قدرته على العدالة الانتقاليّة أمرانِ في مُنتهى الأهميّة.

ولا يزالُ عملُ المجموعات المعنيّة بحقوق الإنسان، الدّوليّة منها والمحليّة، ثابتًا وأساسيًّا. فهذه المجموعاتُ العاملةُ في اليمن، توفّر الدّعم المُنقِذ للحياة، وتتولّى توثيق الاعتداءات والانتهاكات، الّذي يُعدُّ العنصر الجوهريّ في أيّ تدبيرِ مُحاسبةٍ أو مُصالحةٍ يُتّخذُ في بلدٍ دمّرته الحرب.

تُعدُّ "اللّجنة الوطنيّة للتحقيق في ادّعاءات انتهاكات حقوق الإنسان" (أي اللّجنة الوطنيّة) آليّة المُحاسبة المحليّة الوحيدة في اليمن، وهي قد أُنشِئَت في العام 2012 بموجبِ القرار الجمهوريّ رقم 140. وقد أُوكلت اللّجنةُ التّحقيقَ في انتهاكاتِ حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الدّولي الإنساني الّتي ارتُكبت منذ العام 2011.

دور المركز الدّولي للعدالة الانتقاليّة:

دعمَ المركز الدّولي للعدالة الانتقاليّة، منذ العام 2021، اللّجنة الوطنيّة، وكانَ ذلك جزءًا من الجهود الأكبر الّتي بذلها المركز في سبيلِ إرساء أسسِ عمليّات المُحاسبة والبحث عن الحقيقة وجبر الضّرر المُستقبليّة.

  • يُقدّم المركز الدّولي للعدالة الانتقاليّة لأعضاء اللّجنة الوطنيّة دوراتٍ تدريبيّة على العدالة الانتقاليّة، وذلكَ بغيةَ مُساعدتهم على تنفيذ ولاية اللّجنة وعلى تحسين جدوى مُشاركةِ الجهات المعنيّة المُختلفة.
  • يُدرّب المركز الدّولي للعدالة الانتقاليّة الراصدين والمُحقّقين الميدانيين في اللّجنة الوطنيّة ليُساعدهم على إعدادِ ملفاتٍ مُحكمة عن القضايا الجنائيّة.
  • يؤازرُ المركز الدّولي للعدلة الانتقاليّة اللّجنة الدّولية في وضعِ استراتيجيّات اتّصالٍ وتواصلٍ مُجدية وفي التّنسيق مع مُختلف المجموعات المعنيّة بِحقوق الإنسان، وغيرها من منظّمات المُجتمع المدنيّ والاتّحادات، وذلكَ بغيةَ ضمانِ شمول الضّحايا ومُمثّلي المُجتمع المدنيّ في تلكَ الاستراتيجيّات ومُشاركتهم فيها على حدّ سواء.

الصّورة: أعضاء اللّجنة الوطنيّة للتحقيق في ادّعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن والعاملون الميدانيون يزورونَ حقل مغرس ناجي من محافطة لحج في مديريّة تبن، للقاءِ ضحايا أعمالِ القصف العشوائيّ وانفجار الألغامِ والشّهود عليها. ("اللّجنة الوطنيّة للتحقيق في ادّعاءات انتهاكات حقوق الإنسان")