المكافحة الدولية للإفلات من العقاب تبدأ من مسؤولية الدول

07/11/2012

عندما يمثُل مرتكبو الجرائم الدولية الخطيرة أمام العدالة في الدول التي ارتُكبت بها الجرائم، فإن ذلك يشير إلى التزام قوي بالمحاسبة وسيادة القانون.

وبغية ضمان حدوث تحقيقات وملاحقات قضائية محليّة بشأن الجرائم الخطيرة مثل الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، فإن الحاجة إلى المساعدة الدولية تتجاوز قاعات المحاكم: إذ يمكن للوكالات الإنمائية والجهات الفاعلة المعنية بسيادة القانون أن تزود البلدان بدعم أساسي من أجل الملاحقة القضائية النزيهة والفاعلة للجرائم الدولية الخطيرة في محاكم تلك البلدان.

لقد كان هذا الإقرار هو المحور الرئيسي لمؤتمر غرينتري الثالث بشأن مبدأ التكامل، والذي عُقد في يومي 25 و 26 تشرين الأول/أكتوبر في ضيعة غرينتري في مانهاست في نيويورك.

جمع المؤتمر ممثلين عن الجهات الدولية الفاعلة المعنية بالعدالة وسيادة القانون والتنمية، وذلك لتدارُس الاحتياجات والتحديات للدول المنفردة التي شرعت في ملاحقة الجرائم الدولية. وتم استعراض خبرات أربعة بلدان - وهي كولومبيا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وغواتيمالا، وساحل العاج- مما ساعد على تركيز المناقشات.

وألقى رئيس المركز الدولي للعدالة الانتقالية، ديفيد تولبيرت، كلمة تأمّل فيها التطور الجاري لمبدأ "التكامل" الذي يحكم العلاقة بين المحكمة الجنائية الدولية وبين الدول للدفع بالجهود الرامية إلى تعزيز القدرات القضائية المحلية لمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.

وقال تولبيرت، "لقد كانت مكافحة الإفلات من العقاب في صُلب نظام روما الأساسي، كما أن العنصر الرئيسي في استراتيجية النظام الأساسي هو نهوض البلدان بمسؤوليتها عن التحقيق والملاحقة القضائية على الجرائم التي يُعاقب عليها نظام روما الأساسي".

"كانت مكافحة الإفلات من العقاب في صُلب نظام روما الأساسي"
    تناولت النقاشات موضوع القدرات القضائية الوطنية في أربعة بلدان، مما أتاح للممارسين التحدث صراحةً عن الحاجة إلى تعزيز التعاون والتواصل بين القطاع القانوني الدولي والجهات الفاعلة المعنية التي تعمل في مجالي التنمية وسيادة القانون.

وأكد تولبيرت على ضرورة مثل هذا الحوار، وقال "إن مؤيدي العدالة الدولية لا يمتلكون الموارد أو القدرة على توفير دعم من أجل تدريب القضاة والمدعين العامين، أو موظفي التسجيل اللازمين كي تتمكن الأنظمة العدلية المحلية من أداء وظائفها. كما أنهم لا يمتلكون القدرات لإقامة أنظمة لإدارة المحاكم وتطوير برامج لحماية الشهود، أو إنشاء مرافق احتجاز وسجن ملائمة – وهذه هي مجرد أمثلة قليلة على الخطوات اللازمة لضمان الملاحقة والمحاكمة الملائمة للجرائم الخطيرة".

حدد المشاركون في مؤتمر غرينتري أيضاً أهمية إجراء تقييمات دقيقة للاحتياجات وأشاروا إلى التعقيدات المرتطبة بحشد الدعم السياسي لبعض عمليات الملاحقة القضائية. وقد تم المؤتمر بقيادة المركز الدولي للعدالة الانتقالية، وبدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، واستضافته حكومتا الدانمرك وجنوب أفريقيا.


وسينشر المركز الدولي للعدالة الانتقالية خلال الأشهر المقبلة سلسلة من المقالات والحوارات (بودكاست) تعرض نظرات متعمقة في الملاحقات القضائية الوطنية في أربعة بلدان، وهي: كولومبيا، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وغواتيمالا، وساحل العاج. وستقدم هذه المقالات خبرات وآراء الجهات الفاعلة الحكومية والخبراء العاملين في الخطوط الأمامية من أجل تعزيز القدرات القضائية المحلية في بلدانهم. كما ستستعرض التحديات والاحتياجات في هذه السياقات الانتقالية الأربعة الفريدة.

الصورة: مؤتمر غرينتري الثالث بشأن مبدأ التكامل، نيو يورك، 2012.