عقود بعد الحرب، زوجات المفقودين تذكير بماضٍ يبقى من دون حلّ

20/04/2015

بيروت، 14 أبريل/ نيسان 2015- يقول تقرير جديد للمركز الدولي للعدالة الإنتقالية ومعهد الدراسات النسائية في العالم العربي في الجامعة اللبنانية الأميركية، بأن زوجات المفقودين والمخفيين في لبنان ما زلن يعانين من آثار إجتماعية، ونفسية، وقانونية، ومالية جسيمة على حياتهن وحياة أولادهن.

ويعتمد التقرير "العيش في أطياف الماضي: أثر الإخفاء على زوجات المفقودين في لبنان" المكوّن من 46 صفحة على مقابلات مستفيضة مع 23 من زوجات ينحدرن من فئات مختلفة. ويظهر التقرير بأنهن ما زلن يبحثن عن إجابات ودعم من الحكومة حتى بعد مرور عقود على إخفاء أزواجهن خلال الحرب.

ولم تتلقى أي من النساء التي تمّ إجراء المقابلات معهن اي معلومات أو أخبار واضحة عن مصير أزواجهن من الحكومة، بل كانت المعلومات حول اللجان والقوانين والتقدم في قضايا المخفيين تصلهم عن طريق المجتمع المدني أو عن طريق تناقل الأخبار.

توضح ميريم صفير مراد، مساعدة مديرة معهد الدراسات النسائية في العالم العربي "إن الشاغل الرئيسي، وفي بعض الأحيان الوحيد، لتلك النساء هو معرفة ماحدث لأزواجهن" ، وأنه "بالنسبة للكثيرات، تتمثل العدالة في معرفة الحقيقة، وعما إذا كان أزواجهن أحياء أم أموات."

قالت إحدى السيدات التي تمت مقابلتهن من أجل الدراسة "ما كنت متصورة انو ما ينعرف عنّو شي ...يقولولنا طيّبين ميّتين؟ .... يا ترى ميّتين، وين دافنينهُن؟ "

حملت الكثير من النساء عبء البحث عن أزواجهن بأنفسهن، وذلك لإعتقادهن بأن هذة المهمة أقل خطورة على المرأة منها على الرجل. إلا أن ذلك لم يكن دائما صحيحاً، فقد كانت 15 إمراة من الثلاثة والعشرين التي أجريت معهن مقابلات، ضحايا محاولة إبتزاز أو أكثر.

وبالنسبة لجميع النساء التي تمّ مقابلتهن، تغيرت الحياة بشكل مفاجئ وجذري عندما تعرض أزواجهن للإخفاء، وتحدثت الكثيرات عن معاناتهن من أعراض جسدية ونفسية مزمنة، وتحدثن جميعهن عن كيف شعرن بأنهن مضطرات للقيام بدورالأم والأب بالنسبة لأولادهن.

ألقى فقدان النساء لأزواجهن – المعيلين الأساسين – عبئاً مالياً على الأسرة. وتعرضت الكثيرات لإزدياد الضغوط المادية، وبالأخص مع إضطرار لعدد منهن خوض معترك العمل للمرة الأولى. وتذكر إحدى النساء "بِعنالو السيارة [لنعيش]. الدولة مادفعتلنا معاشو ... وقفولو معاشو دغري [أصحاب الشغل]، شي إنو عرفوا إنو انخطف."

وكما تكشف قصصهن، فإن الصعوبات التي واجهتها زوجات المخفيين تفاقمت مع وجود قوانين وممارسات ذكورية تعطي سُلطة القيام بالمعاملات القانونية والإدارية - مثل إستخدام الحسابات المصرفية، وتحويل الممتلكات، والمطالبة بالإرث، والتقدم بطلب للحصول على الأوراق الثبوتية للأولاد - لأحد أفراد الأسرة الذكور.

ولأن الدولة قد قامت بعمل القليل من أجل معالجة هذة الإنتهاكات في السنوات التي تلت الحرب، أظهرت النساء التي تمت مقابلتهن شكوكاً حول ما إذا كان المسؤولين اللبنانيين عازمين أو حتى قادرين على إنصافهن عن الإنتهاكات التي عانين منها.

تقول كارمن حسون أبو جودة، مديرة مكتب لبنان للمركز الدولي للعدالة الإنتقالية "في ظل وجود ثقافة تعزف بشكل كبير عن الحديث عن الحرب وإرثها، يستمر تجاهل وإهمال عائلات الأشخاص المخفيين. فهم تذكيرغير مرحب به بماضٍ يبقى بدون حل." "ولكن كضحايا مباشرين لهذه الجرائم، لهم الحق في معرفة الحقيقة وفي جبر الضرر، وعلى الدولة إحترام ذلك."

وبالنظر الى المستقبل، يقوم التقرير بتقديم توصيات مهمة لصانعي السياسات اللبنانيين والمجتمع المدني حول كيفية التعامل مع حقوق وإحتياجات عائلات الأشخاص المخفيين.

وعلى رأس قائمة التوصيات، سنّ قانون ينصّ على وضع وثيقة تسمح للعائلات أن تعلن بأن أحبائها "غائبون بسبب الإخفاء" وليسوا موتى. وسيساعد ذلك على تجنب الصعوبات المعنوية والعاطفية التي تلازم إعلان وفاة شخص مجهول المصير. وسيوفر ذلك إجراءات لحلّ بعض الالتباسات القانونية حول المخفيين، ويسمح لأقربائهم بممارسة حقهم في الوصاية على الأطفال، والإرث، ونقل الملكية، والزواج مجدداً من ضمن أمور أخرى.

هذا التقرير، والذي تم تمويله من قبل الإتحاد الأوروبي وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ، يدعو أيضاً إلى إنشاء جهاز تحقيق مستقل من أجل جمع ونشر المعلومات عن مصير المفقودين.

سيقام حفل إطلاق الدراسة يوم الإثنين 20 ابريل / نيسان - الخامسة مساءً، في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت، مبنى كلية الإدارة والأعمال، قاعة 903. للحضور الرجاء إرسال بريد الكتروني إلى: iwsaw@lau.edu.lb

يمكن تحميل التقرير كاملاً باللغتين العربية أو الإنكليزية


لإتصال وسائل الإعلام

كيلي مادل، مديرة برنامج العدالة والنوع الإجتماعي لدى المركز الدولي للعدالة الإنتقالية هاتف: 3814 637 917 1+ بريد إلكتروني : kmuddell@ictj.org

معهد الدراسات النسائية في العالم العربي في الجامعة اللبنانية الأميركية هاتف: 456 786 1 961+ تحويلة: 1128 بريد إلكتروني : iwsaw@lau.edu.lb


الصورة: إمرأة لبنانية،على اليسار، تحمل صورة قريبها الذي تعرض للإخفاء خلال إعتصام في الذكرى الخامسة والثلاثين للحرب الأهلية في لبنان 1975- 1990، أمام دارالأمم المتحدة في بيروت، لبنان، الأحد، 11 نيسان/ أبريل، 2010. (صور الأسوشيتد برس AP/جريس كساب)