جذورٌ تبعثُ الموتَ: تعطّل نظامي وإخفاق إصلاحي في لبنان

نور البجاني نورالدين وآنا ميريام روكاتيلو
Download document

قم بتحميل الإحاطة الكاملة باللغة الإنجليزية هنا.

قم بتحميل الإحاطة الكاملة باللغة العربية هنا.

لبنان في أزمة وشعبُه مُتعب - متعب من عقود من الفساد المستشري وسوء الإدارة والإفلات من العقاب؛ متعب من الخروجِ من كارثة والوقوع في أخرى من دون إحراز أي تقدمٍ في الإصلاحات الّتي طال انتظارها. وليس الانفجار الضّخم الّذي دوّى في العاصمة في 4 آب/ أغسطس من العام 2020، سوى المأساة الأخيرة الّتي حلّت نتيجة عقودٍ من التعطيل النظامي الّذي يطيل أمد الظّلم الواقع على ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، على اختلافِ أشكالها، في لبنان ويُلحق الأذى بعددٍ لا يُحصى من اللّبنانيين. 

على مرّ سنوات الحرب الأهليّة الخمس عشرة (1975-1990)، قُتلَ أكثر من 150 ألف شخص وبلغ عدد الجرحى حوالى 300 ألف، ونزحَ أكثر من مليون آخرين وفُقدَ أكثر من 17 ألف شخص. صحيحٌ أنّ اتفاق الطائف الّذي أُبرمَ في العام 1990 قد أوقف النزاع المُسلّح، إلّا أنّه أخفقَ في معالجة انتهاكات حقوق الإنسان الّتي ارتُكبت إبّان الحرب، وهذه ثغرةٌ تدلّ على الإخفاق في إنصاف الضّحايا حقوقهم. وبدلًا من أن يكبحَ الاتفاق الطائفيّة كونها واحدة من الأسباب الأساسيّة للحرب، عزّزها أكثر من خلالِ تأسيس نظامٍ يقوم على تقاسم السّلطة بين مختلف الفصائل المُتحاربة على طول خطوط التّماس الطائفيّة. 

اليوم، يقع حوالى نصف السّكان تحتَ خطّ الفقر، في ظلِّ ضآلة الخدمات وتعاظم الاضطراب الاقتصادي. ودأبَت النخبُ في لبنان، منذ انتهاء الحرب، على إلقاء اللّوم في تعطيل البلد على الآخرين، بما فيهم دول الجوار والمجتمع الدّولي، الّذين تدخّلوا، بطرقٍ شتّى، في شؤون البلد السياسية والمالية. لكنَّ الكلامَ هذا لم يعد كافيًا. لقد اتّضحَ جليًّا أنَّ المشاكل الّتي يُواجهها لبنان اليومَ لها أسبابٌ مُتجذّرة في الأعماق ولم تُستأصل عندَ انتهاء الحرب. لذا، سيظلُّ الشعب يرى نفسه ضحيّة نظامٍ فاسدٍ وظالم إلى أن يُقتلع هذا النظام من جذوره ويحلّ محلّه نظامٌ جديد أكثر عدالةً ومساواةً واشتمالًا ومُجرّدٌ من الطّائفيّة.