تأملات حول النضال من أجل العدالة: أوليفييه كامبالا وا كامبالا

07/03/2017

ونحن ننظرُ إلى الوراء على مدى 15 عاماً من عمل المركز الدوّلي للعدالة الانتقالية، نُدركُ أن ثروتنا الحقيقية هي أولئك الأشخاص الذين جَعَلُوا مساهمتنا ممكنة بمعرفتهم وخبرتهم وتفانيهم. للاحتفاء بكل الذين كانوا جزءًا من قصة المركز الدوّلي للعدالة الانتقالية على مدى سنوات سألنا عدداً من زملائنا السابقين أن يكتبوا تأملاتهم وذكريات اللحظات البارزة: تلك اللحَظات التي جَعلت عملنا أكثر وضوحاً. في الأسابيع والأشهر القادمة سوف ننقل لكم قصصهم عن تأملات في النضال من أجل العدالة.

يتحدث أوليفييه كامبالا وا كامبالا، منتسب في برنامج المركز الدولي للعدالة الانتقالية في الفترة من 2005 إلى 2010، عن العطش للعدالة الذي شاهده في زيارة إلى غينيا، وكيف أن الوضع السياسي جعل إخماده مستحيلاً.


كان قرب نهاية عام 2007، وأنا أزور مدينة كينديا في غينيا. أعملُ مع فريقٍ لتقييم ما إذا كان الناس مهتمين بالعدالة الانتقالية، وإذا كان الأمر كذلك، فما هي احتياجاتهم الكبرى. هذه الزيارة الوحيدة إلى مدينة خارج العاصمة كوناكري، توُضح عمق الرغبة في تحقيق العدالة، ولكنني أدرك أنني قد لا أملك الكثير من المساعدة لتقديمه.

في كينديا، اجتمع قادة المجتمع المدني المحلي ذات صباح مُشرق للتحدث معي حول كيف يمكن أن تكون العدالة الانتقالية ذات صلة بتجربتهم الخاصة.

    Image removed.أوليفييه كامبالا وا كامبالا

بدأ الاجتماع بتقديمي لمحةً عامة عن العدالة الانتقالية، وبعد ذلك فتحت الكلمة للمناقشة. توقعتُ ردوداً منطقية، خلافات عاطفية، ومقترحات للمستقبل. وقف شخص ما وبدأ يتحدث. "قتلوا ابن أخي في الشارع بينما كان يناشدهم بعدم إطلاق النار". وقف آخر. "اختطفوا جاري وعاد بعظام مُكسرة عظام وكدمات على جلده". كانت هذه قصص عن حلقة جديدة من العنف وقعت في وقت سابق من ذلك العام. كان الجنود يرهبون المدينة ويقتلون الناس ويحتجزون ويعذبون المتظاهرين ويدمرون الممتلكات. بدا أن العنف يلمس كل أسرة.

تحدث المزيد والمزيد من الأشخاص، أصواتهم مرتجفة، وجوههم تتلوى من الغضب والألم. أطلقت القصص فيضانات عاطفية، وكافح كل من في الغرفة للبقاءٍ سَاكِناً. هذه الشخصيات الوقورة المَهِيبة، التي كانت هادئة عندما بدأنا، بدأت تدمع.

لا أحد منا عَرِف ما يَجبُ القيام به. رفعتُ الجلسة لمدة نصف ساعة. خرجنا من الغرفة إلى الشمس بعد الظهر، مما سمح للضوء الدافئ بتجفيف دموعنا وتهدئة مشاعرنا.

اتخذتُ قراراً بإنهاء الاجتماع في وقت مبكر. تَجَلَّى لي أن هذه ربما تكون المرة الأولى التي يتمكنُ فيها الناس من التحدث بصراحة عمّا حدث لهم. لكنني لم أحضٌر أيّ دعم نفسي للمساعدة. كما كنت قلقاً من أن يكون النقاش حول الماضي خطرًا. السلطات العسكرية لا تزال في السلطة، وكانت في كل مكان.

تعتمُ الشمس الآن في الغرب، عدتُ وفريقي إلى سيارتنا للعودة إلى كوناكري، أرواحنا منخفضة.

أتذّكرُ الألم في أصوات أولئك في تلك الغرفة الصغيرة في كينديا مع أسفٍ عميق. حاولت المتابعة بعد عامٍ ولكن انقلاباً عسكريًا جديدًا قد وضع حداً لأي فضاء سياسي قد تواجد خلال زيارتي.

عشر سنوات منذ رحلتي إلى كينديا، ولا يزال البلد يكافح من أجل تنفيذ مؤسسة لإثبات الحقيقة، وتقديم تعويضات نفسية للشعب، وربما وضع أسس لعدم التكرار عن طريق فضح الفظائع السابقة وبناء رفض جماعي لهذه الأعمال. الغضب الخام والألم الذي رأيته ذلك اليوم باقٍ معي؛ وكذلك الاستعداد لمواجهة الماضي. أشعر دوماً بالامتنان لأهل كينديا على تقاسمهم حزنهم وآمالهم معي.


الصورة: في 28 سبتمبر 2009، قتُل المئات في هذا الملعب في كوناكري، غينيا. أدى تكرار العنف بعد زيارة أوليفييه إلى إغلاق المجال السياسي للقيام بعمل العدالة الانتقالية. (Nancy Palus/IRIN)