ما هو دور العدالة الانتقالية المحتمل في مرحلة ما بعد النزاع في سوريا؟

04/11/2013

تتزايد الأدلة يومياً على الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان في الحرب الأهلية الوحشية في سوريا، حيث أنه قُتل أكثر من 100,000 شخص منذ بدء النزاع في مارس 2011. وفي 21 آب، جدد هجوم الأسلحة الكيميائية قرب دمشق، والذي قتل المئات من المدنيين، من بينهم عشرات الأطفال، المطالب لوضع حدّ لهذا النزاع ومحاسبة مرتكبي الجرائم الجماعية.

رغم ان قرار مجلس الأمن الدولي الذي اعتمد مؤخراً يدعو الحكومة السورية للتعاون في تدمير ترسانة الأسلحة الكيميائية، مشدداً على أن "المسؤولين عن أي استخدام للأسلحة الكيميائية يجب أن يُحاسب"، غير أن هذا لا يوفر إطاراً لتحقيق المحاسبة، ليس في المدى القصير أو الطويل منه.

فما هو دور العدالة الانتقالية المحتمل في مرحلة ما بعد النزاع في سوريا؟ هل ينبغي على سوريا التسرّع في ملاحقة مجرمي الحرب فور اقتراب القتال من نهايته؟

هذه هي بعض من الأسئلة الملحّة التي تتناولها ورقة الاحاطة التي أعدّها المركز الدولي للعدالة الانتقالية مؤخراً، بعنوان "نحو استراتيجية العدالة الانتقالية في سوريا"، والتي تتطلع نحو التوصّل إلى حل نهائي لهذه الحرب والحاجة إلى اتباع نهج ذا مصداقية للمحاسبة ولحقوق الإنسان في سوريا في مرحلة ما بعد النزاع.

هناك ادراك في هذه الاحاطة الى أنه سوف ينبغي، ذات يوم، على السلطات السورية والمجتمعين المدني الدولي النظر في كيفية التعامل مع الجرائم التي ارتُكبت خلال هذا النزاع وتلك التي حدثت في عقود القمع السابقة من في ظل حكم بشار الأسد ووالده حافظ الأسد .

وتؤكد إحاطة المركز الدولي للعدالة الانتقالية هذه على أنه، وبدلاً من الاندفاع باتجاه جملة معينة من الإجراءات أو الآليات، قد يكون تنفيذ عملية شاملة من التقييم والتشاور المخطط لهما يتمخض عنها توصيات بإجراءات محددة، عمل أكثر قيمة في سوريا.

يحثّ المركز الدولي على الأخذ بخمسة اعتبارات أساسية في الحالة السورية، ومن ضمنها الحاجة إلى الملكية الوطنية للعملية، وإلى استراتيجية شاملة للعدالة الانتقالية، بالاضافة إلى الحد من مستوى التوقعات فيما يتعلق بتحقيق نتائج سريعة .

"سوريا في مواجهة أزمة إنسانية هائلة، حيث ينبغي تركيز الجهود في البداية على تأمين الغذاء والمأوى والدواء وعلى عودة الملايين من النازحين. وفي ظل هذا السياق المليء بالتحديات سيكون من شأن خلق التوقعات الغير واقعية حول التوقيت المناسب لتدابير المحاسبة أن يفاقم من خيبة الأمل، عندما لا يتم الوفاء بتلك التوقعات"، كما ورد في التقرير.

تقدّم هذه الاحاطة، بالاعتماد على التجارب السابقة من الفرص الضائعة للعدالة الانتقالية في حالات ما بعد النزاع، كما في أفغانستان والعراق، تصوّر لسيناريوهات محتملة ومعايير للشروع في تدابير العدالة.

"يتمثل الحد الأدنى المطلوب سياسياً انتهاج نهج في المحاسبة وحقوق الإنسان يتمتع بالمصداقية في أن تكون الحكومة الحالية ملتزمة بتلك المبادئ وأنها لا تقوم بانتهاكها فعلياً. ومن منظور اجتماعي، ثمة قيمة ضئيلة في التحدث عن المحاسبة عن الجرائم التي وقعت في الماضي إذا ما استمر القمع والعنف السياسي وإذا ما ظل البقاء على قيد الحياة من يوم لآخر على المحك."


الصورة: أم سورية من النازحين داخلياً تواسي طفلها في أرض مهجورة، حيث اتخذت هي وعائلتها ملجأ بعد فرارهم من قريتهم التي تحولت إلى ساحة معركة بين القوات الحكومية ومقاتلي الجيش السوري الحر في محافظة إدلب، شمال سوريا، في 22 سبتمبر 2013. (AP Photo)