تقرير جديد للمركز الدولي للعدالة الانتقالية يشدد على الدروس المكتسبة من تجربة اجتثاث البعث في العراق، والتي تمثل تحذيراً للمنطقة

05/03/2013

الصورة: العراق - تظاهرة في البصرة للردّ على تظاهرات محافظة الأنبار ولرفع مجموعة من المطالب الى الحكومة العراقية. البصرة، 26 كانون الثاني/يناير 2013. عبد الكريم الأميري/إذاعة العراق الحرّ.


**نيويورك، 5 آذار/مارس 2013** - يطلق المركز الدولي للعدالة الانتقالية [تقريراً جديداً](http://ictj.org/ar/publication/bitter-legacy-lessons-de-baathification-iraq) يوفر معلومات مفصلة وتحليلاً بشأن عملية تفكيك حزب البعث في العراق واجتثاث أعضائه من مؤسسات الدولة.

التقرير بعنوان "إرثٌ مرٌّ: دروسٌ من عملية اجتثاث البعث في العراق"، يتضمن دروساً قيّمة لبلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تواجه تحديات كبيرة إذ تنظر في كيفية التعامل مع إرث الإساءات التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية والسياسية لأنظمة الحكم السابقة.

يستند التقرير إلى أبحاث ميدانية شاملة ومقابلات مع مسؤولين في الهيئة الوطنية العليا لاجتثاث البعث، ويركز على عملية تطهير المؤسسات العراقية من أعضاء حزب البعث الذي كان خاضعاً لنظام صدام حسين، وهي أكبر وأشهر عملية عزل موظفين لأسباب سياسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

لقد كانت عملية اجتثاث البعث معيبة منذ بدايتها في العام 2003 مما أدى إلى بذر الاستقطاب في السياسات العراقية. فقد اعتمدت على نهج "افتراض الذنب" وحرمت الدولة من خبرات كانت الحاجة إليها ماسة في ميادين السياسة والقضاء والتعليم والجيش ومجالات أخرى، مما أسهم في حالة عدم الاستقرار الشديد التي سادت في البلاد – ليس فقط أثناء المراحل الأولى لتغيير النظام، وإنما امتدت أيضاً حتى الانتخابات النيابية في العام 2010، أي بعد حوالي سبع سنوات من انطلاق العملية. وكانت وزارة التربية والتعليم هي الأكثر تأثراً، إذ شهدت عزل 16,149 موظفاً من عملهم قبل حزيران/يونيو 2004. وكان التأثير على المدارس والإدارات من الشدة بحيث دفع سلطة الائتلاف المؤقتة إلى إصدار أمر بإعادة العديد من الموظفين إلى وظائفهم في نيسان/ابريل 2004.

وقال ديفيد تولبرت، رئيس المركز الدولي للعدالة الانتقالية، "لقد قام المسؤولون العراقيون من الناحية العملية بعزل حزب البعث عن المجتمع عبر عملية كاسحة وظالمة ساهمت في بذر حالة عدم الاستقرار في البلاد وتركت أثراً سلبياً مستديماً. وإذ تنظر تونس وليبيا وسوريا وبلدان أخرى في كيفية إصلاح هياكلها السياسية والقضائية والأمنية، ينبغي عليها تطوير نهج للعدالة الانتقالية لا يؤدي إلى تعطيل البنية التحتية للبلاد في الوقت الذي تشتد فيه حاجتها إليها".

إن الوقت الحالي ملائم لبحث السؤال المتعلق بكيفية التعامل مع تلك الهياكل، إذ أن العديد من صانعي السياسات وجماعات المجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يطالبون حالياً بعزل أعضاء أنظمة الحكم السابقة.

لقد أصدرت المحاكم المصرية أمراً بحل الحزب الوطني الديمقراطي، أما تونس فلم تعمد إلى حل حزب التجمع الدستوري الديمقراطي وحسب، ولكنها تنظر أيضاً في سن تشريعات متشددة من شأنها أن تقصي الأشخاص المرتبطين بالحكومة السابقة عن الحياة العامة. كما سيكون التعامل مع الأجهزة الأمنية للنظام السوري قضية رئيسية في أي ترتيبات تجري فيما بعد نظام الأسد.

وقال كلاوديو كوردوني، مدير البرامج لدى المركز الدولي للعدالة الانتقالية، "إن تصميم برنامج تدقيق(1) مناسب بدلاً من عملية اجتثاث هو أمر حاسم لمتابعة المسيرة بعد عقود من الإساءات. وينبغي وضع أهداف واضحة ومعقولة. ويجب تقييم الأفراد استناداً إلى سلوكهم الفعلي، وليس لمجرد عضويتهم [في أحزاب سياسية]، ويجب أن تتاح لهم فرصة كاملة للردّ على المزاعم التي توجه ضدهم".

وأضاف كوردوني ، "بعد تسع سنوات من الخلافات، لم تنتهي قصة اجتثاث البعث في العراق. فعلى الأرجح أننا سنشهد فصولاً جديدة تتكشّف. ويمكن للعراقيين أنفسهم أن يستمدوا دروساً من هذه التجربة إذ يفكرون في كيفية المضي إلى الأمام. وفيما يتجاوز حدود العراق، نحن نأمل بأن التجربة العراقية ستمكّن صانعي القرار في البلدان الأخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من اتخاذ قرارات أكثر حكمة".

لمعرفة المزيد حول عمل المركز الدولي للعدالة الانتقالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

(1) إن لمصطلح "vetting" باللغة الإنكليزية ترجمات متعددة الى اللغة العربية ومن ضمنها المصطلحات التالية: فحص الموظفين، فحص السجلات، فحص أهلية الموظفين، الفحص، الغربلة، التدقيق، التحري، الفرز.