تونس تقود مسيرة العدالة الانتقالية

18/04/2012

عُقدت الندوة الوطنية لإطلاق الحوار حول العدالة الانتقالية في تونس يوم السبت 14 نيسان/أبريل في العاصمة، مفتتحةً عمليّة يُتوقّع أن تؤول إلى اعتماد المجلس الوطني التأسيسي التونسي لقانون شامل حول العدالة الانتقاليّة.

جمع المؤتمر الّذي نظّمته الوزارة التونسيّة لحقوق الإنسان والعدالة الانتقاليّة أعلى المسؤولين في الدولة، وممثّلين عن المجتمع المدني ومنظمات الضحايا، والأمم المتّحدة، وغيرها من المنظّمات الدوليّة، وشكّل خطوة جديدة ضمن جهود تونس في تحقيق المحاسبة على انتهاكات النظام السابق. تلا المؤتمر سلسلة من الاجتماعات عقدتها الوزارة مع ممثّلي الأحزاب السياسيّة، ومنظمات حقوق الإنسان، وجمعيّات الضحايا.

شهدت تونس مبادرات مهمّة أخرى، تضمّنت إنشاء لجنة تحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان خلال الثورة، يُتوقّع أن تُصدر تقريرها قريبًا، إضافةً إلى لجنة وطنيّة لتقصّي الحقائق حول حالات الاختلاس والفساد، أنجزت تقريرها في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، واستُبدلت الآن بجهاز دائم لمكافحة الفساد.

اضطلع المجتمع المدني في تونس أيضًا بنشاط كبير في مسائل العدالة الانتقاليّة، فقد تمّ إنشاء العديد من منظمات المجتمع المدني ومنظمات الضحايا للعمل على استراتيجيات لمعالجة انتهاكات الماضي، وقد سبق للكثير منها أن صاغت اقتراحات رفعتها إلى وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية كما إلى المجلس الوطني التأسيسي.

في هذا الصدد، قال الرئيس المنصف المرزوقي خلال الجلسة الإفتتاحية للندوة إنّ التونسيين "يتوقعون إجراءات ملموسة، ولا يمكنهم الانتظار إلى ما لا نهاية. يجب أن تعالج وتلتئم جراح الماضي". وأضاف :"نحن نؤمن بالعدالة الانتقالية لا بالعدالة الانتقاميّة".

وصرّح رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر أنّ الإطار القانوني موجود لقانون يحدد "مجالات التدخّل الخاصّة بالعدالة الانتقالية في تونس".

من ناحية أخرى، شدّد رئيس الوزراء حمادي الجبالي على أنّ هدف إجراءات العدالة الانتقالية يكمن في عدم العودة إلى كل أشكال انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في العقود الأخيرة. "هذه ليست مسؤولية الحكومة وحدها بل إنها مسؤولية جماعيّة، وملف وطني يهم كل التونسيين والتونسيات". وقال: "هذه ليست مسؤولية الحكومة وحدها بل إنها مسؤولية جماعيّة، وملف وطني يهم كل التونسيين والتونسيات."

"التونسيين يتوقعون إجراءات ملموسة، ولا يمكنهم الانتظار إلى ما لا نهاية."
    وأضاء رئيس المركز الدولي للعدالة الانتقالية دايفد تولبرت في كلمته الافتتاحيّة على التقدّم المحرز في تونس منذ الثورة في مجال معالجة ماضيها المضطرب، مرحّبًا بدعوة المركز للمساهمة في هذه العمليّة. كماركّز بشكل خاص على الحاجة إلى عمليّة شاملة وتشاركيّة إلى أقصى حدّ، تشترك فيها الحكومة كما مجموعات المجتمع المدني، سيّما منها تلك الّتي استُهدفت أو هُمّشت تاريخيًّا.

لفت تولبرت الانتباه الى تحديات عديدة تنتظر تونس مع تركيزها للعمل على قانون للعدالة الانتقاليّة، والقى الضوء على الدروس المستقاة من تجارب دول أخرى في مجالات العدالة الجنائية، والبحث عن الحقيقة، وجبر الضرر، والعدالة بين الجنسين.

وخلص تولبرت إلى القول: "لاشكّ في أنّ تونس وبالنظر إلى وضعها الاستثنائي سوف تعدّ نموذجاً خاصاً بها في مجال العدالة الانتقاليّة. وتُشكِّل المواهب الاستثنائيّة التي تتمتع بها تونس في مجالات عدّة، مقوِّمات أساسيّة للتفوِّق في إقامة عدالة انتقاليّة ناجحة. ويُعرب المركز الدولي للعدالة الانتقاليّة عن استعداده للاستمرار في تزويد الدعم الضروري. وحيث أطلقت تونس شرارة ما يُتعارف على تسميته بالربيع العربي، فهي تتحلّى تالياً بالقدرة على أن تُشكِّل مثالاً يحتذى به في سائر الدول فتكون قدوةً ونموذجاً للعدالة الانتقاليّة في سائر دول المنطقة والعالم".

ينشط المركز الدولي للعدالة الانتقاليّة في تونس منذ شباط/فبراير 2011، ويعمل مع كل من الحكومة والمجتمع المدني. وقد التقى وفد المركز في آخر زيارة له بالرئيس المرزوقي، ورئيس المجلس الوطني التأسيسي، ووزيري حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية والعدل، إضافة إلى مجموعات من المجتمع المدني. وسوف يواصل المركز دعمه لجميع الجهات المعنيّة في تونس في جهودها الآيلة إلى وضع تشريعات واستراتيجيات للعدالة الانتقاليّة.

لقراءة النص الكامل لكلمة ديفيد تولبرت.