تقرير خاص عن كوفيد-١٩: إبقاء العدالة في الأفق

08/06/2020

لم توفّر جائحة كوفيد-١٩ أي زاوية من العالم بعدما انتشر الفيروس في كل الدول. وفي محاولة لإبطاء العدوى، اتخذت الحكومات في معظم البلدان تدابير صارمة تتطلب من جميع المقيمين، بخلاف العمال الأساسيين، أن يلزموا منازلهم، كما أغلقت قطاعات واسعة من اقتصاداتها، فكان التأثير ساحقاً. لم يستسلم مئات الآلاف بسبب المرض فحسب، بل يجد الملايين أنفسهم اليوم عاطلين عن العمل أو يتخبطون في اقتصاد عالمي غارق.

ولعل الدول الأكثر تضرراً من هذه الجائحة هي الدول التي مزّقتها الصراعات حيث مؤسسات الدولة ضعيفة بسبب القمع الماضي أو المستمر وحيث يتصارع المجتمع مع إرث من الفظائع الجماعية. في هذه الدول الهشة والفقيرة، والغير مستقرة في كثير من الأحيان، تكون المجتمعات المهمشة والفئات الاجتماعية الضعيفة مثل ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان واللاجئين والمشردين الأكثر عرضة للإصابة بـفيروس كوفيد-١٩ والأكثر تأثراً بتداعيات الإغلاق الاقتصادي. تواجه النساء وأعضاء مجتمع المثليين أيضًا تحديات خاصة وغير متكافئة خلال هذه الأزمة الصحية. أصبح العديد من النساء اللواتي ساعدن سابقاً في إعالة أسرهن مالياً عاطلات عن العمل ومحاصرات في المنزل مع زوج مسيء، بالإضافة الى تحمّل مسؤولية رعاية وتعليم الأطفال الذين كانوا في المدرسة طوال النهار قبل أن يدفع الوباء السلطات إلى إغلاق المدارس.

وغالبًا ما يعيش هؤلاء الناس في الاقتصاد غير الرسمي أو العشوائي ويكافحون من أجل تأمين لقمة العيش لهم ولعائلاتهم حتى في أحسن الظروف، ويعيشون في مناطق تعاني من نقص الخدمات أو لا يحصلون على الرعاية الصحية والخدمات الأساسية الأخرى، فيكون هناك استحالة لممارسة التباعد الاجتماعي والتعقيم الصحي الموصى به. عوملوا هؤلاء بشكل غير متكافئ وغير عادل لأجيال وعايشوا الخسائر المأساوية للنزاع العنيف. هم الذين قادوا النضال من أجل العدالة والإنصاف منذ فترة طويلة وهم يتطلعون للاستفادة القسوة من عملية العدالة الانتقالية الشاملة والمراعية للاعتبارات الجندرية والمحددة السياق. إنهم سبب وجود المركز الدولي للعدالة الانتقالية؛ وهم دائماً في صميم مهمته وجميع أنشطة برامجه.

أثّرت كوفيد-١٩ بشكل عميق على كل الدول التي يعمل فيها المركز الدولي للعدالة الانتقالية حاليًا: أرمينيا وكولومبيا وكوت ديفوار وإثيوبيا وغامبيا وكينيا ولبنان وليبيا والسودان وسوريا وتونس وأوغندا. لقد التقينا مؤخرًا بمدراء مكاتب المركز الدولي للعدالة الانتقالية لمعرفة المزيد عن تأثير الوباء على العدالة الانتقالية والمجتمع على نطاق أوسع.

إن الوباء الحالي ليس مجرد حالة طوارئ صحية عامة، بل أزمة حقوق إنسان وعدالة أيضاً.

وفقًا لخبرائنا، فإن الإجراءات الحكومية لمحاولة احتواء فيروس كورونا قد عطّلت معظم عمليات العدالة الانتقالية والعديد من العمليات السياسية أيضًا. شلّت الحياة الاقتصادية إلى حد كبير مما جعل الحياة عبء لا يطاق للأشخاص الأكثر ضعفاً ومما جعلها هشة لناس آخرين كثر. ومع ذلك، فإن تأثير هذه الأزمة وتدابير معالجتها لا تتوقف عند هذا الحد. أدت الأزمة في العديد من هذه البلدان إلى تفاقم المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتجذرة في عدم المساواة والإقصاء والظلم التاريخي. من المثير للقلق أن بعض الحكومات تستخدم السياسات الوقائية كذريعة لقمع الحريات وتوسيع نطاق سلطتها. في حالات قليلة، تعمد الحكومات الى تهديد واعتقال الناس وإسكات منتقدي طريقة تعاطيها مع الأزمة.

يتحمل المستضعفون العبء الأكبر

تكون الفئات الضعيفة من السكان حول العالم الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا والأكثر تأثراً بالعواقب الاقتصادية جراء الالتزام بأوامر الحجر المنزلي وإغلاق الأعمال التجارية. وبحسب مدراء المكاتب، فقد ثبت للأسف أن هذا هو الحال في البلدان التي يعمل فيها المركز الدولي للعدالة الانتقالية.

يبرز الوباء ظواهر عدم المساواة الكامنة ومن بينها عدم المساواة في الحصول على الرعاية الصحية. في كولومبيا، على سبيل المثال، تعتبر الرعاية الصحية شاملة من الناحية النظرية. ومع ذلك، فإن الحقيقة هي أن نظام الرعاية الصحية العامة لا يقدّم دائمًا الرعاية الكافية وفي الوقت المناسب. حتى في أحسن الأحوال، لا يمكن الاعتماد على الرعاية الصحية في الأحياء الحضرية المهمشة وخاصة في المناطق الريفية الأكثر تضرراً من النزاع المسلح الداخلي. فيوجد في إحدى هذه المناطق، مثل شوكو، ٢٧ سريراً فقط للرعاية المركزة في المستشفيات الخاصة ولا يوجد سريراً واحداً في المستشفيات الحكومية لسكان يبلغ عددهم حوالي ٥٤٠٠٠٠، عانى الكثير منهم من ويلات النزاع المسلح لعقود.

كما يتم حرمان المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء الذين يعيشون في تونس من نظام الرعاية الصحية الوطني، مما يجعلهم عرضة للفيروس، ويتم حرمانهم من برامج حكومية للرعاية الاجتماعية أيضاً. كما يعيش اللاجئون السوريون والفلسطينيون في لبنان في مخيمات مزدحمة حيث من المستحيل الحفاظ على ممارسات التعقيم الصحي والتباعد الاجتماعي الموصى بها. يشكل التمييز ضد اللاجئين تحدياً إضافياً. يلومهم بعض اللبنانيين على هذا الوباء. كما ازداد القلق بعد تسجيل أول إصابة ب كوفيد-١٩ في أحد المخيمات الفلسطينية.

إن ضعف بعض الفئات هو الأكثر إثارةً للانتباه في مناطق النزاع. تواجه العائلات، التي تخبطت ما بين الفرار من منازلها أو البقاء والعيش في ظل الخوف من العنف، الخطر الإضافي للفيروس. يوجد في سوريا، حيث أدى النزاع إلى تدمير نظام الرعاية الصحية، أكبر عدد من النازحين في العالم. في غضون ذلك، تصاعد العنف في ليبيا. كثّف الجيش الوطني الليبي هجماته على العاصمة وقصف المدنيين، لكنه استهدف أيضًا المستشفيات التي تتعامل مع حالات كوفيد-١٩.

تواجه النساء على وجه الخصوص تحديات اقتصادية وصحية حادة وكذلك سوء المعاملة في ظل هذه الجائحة. مع وجود أوامر الحجر المنزلي الإلزامي في معظم البلدان، ارتفعت حوادث العنف المنزلي في جميع أنحاء العالم بشكل كبير. في تونس، كما هو الحال في العديد من البلدان، تحصل ربات المنازل على موارد أقل من الرجل وتعمل بشكل غير متناسب في الاقتصاد غير الرسمي الذي شُلّ إلى حد كبير في الأزمة. في أوغندا، تجاهلت معظم التدابير النوع الاجتماعي، لدرجة أنه لم يُسمح للأمهات الحوامل بالحصول على الخدمات الطبية الحيوية. وبحسب ما ورد، توفيت ١١ امرأة حامل على الأقل في البلاد بسبب عدم قدرتهن على الوصول إلى الرعاية الصحية الطارئة نتيجة للقيود المفروضة على الحركة والتنقل. رداً على احتجاج وطني، أعفى الرئيس بعد ذلك النساء الحوامل من هذه القيود على الحركة، ولكن كان الأوان قد فات بالنسبة للأمهات اللواتي توفين.

الضائقة الاقتصادية الواسعة الانتشار

وصف كل مدراء المكاتب العواقب الاقتصادية الوخيمة للوباء على البلدان التي يعملون فيها. وكان اقتصاد العديد من البلدان هشاً سابقاً؛ واليوم قد تدفع عواقب الوباء الاقتصاد بعض البلدان إلى حافة الانهيار.

لقد عرّض فيروس كورونا والتدابير الصارمة لاحتوائه والعواقب الاقتصادية الوخيمة لكليهما هذه المجتمعات إلى خطر متزايد من الاضطرابات الاجتماعية أو العنف أو حتى تكرار النزاع.

في لبنان والسودان، بدأت حالة عدم اليقين الاقتصادي تثير نيران الحركات الاحتجاجية والاضطرابات الاجتماعية. في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، شرع الشعب اللبناني في انتفاضة تهدف إلى إنهاء الفساد المتفشي وسوء إدارة الحكومة للاقتصاد، ولم تهدأ الانتفاضة إلا بعد وضع تدابير لمكافحة انتشار فيروس كورونا. لكن الاقتصاد دخل منذ ذلك الحين في السقوط الحر، مما جعل الحياة لا تطاق بالنسبة للكثيرين. وعلى الرغم من الوباء، نزل اللبنانيون مرة أخرى إلى الشوارع لرفض المظالم.

في السودان، تسبب إغلاق الأسواق المحلية المهمة والقيود المفروضة على الحركة في مظاهرات عنيفة في بعض المناطق. ومن المتوقع أن ينغمس الاقتصاد السوداني بشكل أكبر في الركود هذا العام وفقاً لصندوق النقد الدولي، مما يزيد الأمور سوءًا. وتجدر الإشارة إلى أن هناك خطرًا من أن المساعدات الأجنبية المتعهد تقديمها، والتي يعتمد عليها السودان إلى حد كبير، قد لا تتحقق في الأشهر القادمة حيث تتعامل الدول المانحة مع الوباء محليًا.

تعليق عمليات العدالة الانتقالية والعمليات السياسية

في عدد من البلدان، أدى فيروس كورونا والتدابير المتخذة لاحتوائه إلى توقف عمليات العدالة الانتقالية الجارية بشكل فعال. في غامبيا، على سبيل المثال، علّقت لجنة الحقيقة والمصالحة والتعويضات جلسات الاستماع العامة وأنشطة التوعية حتى حزيران/يونيو نتيجة للوباء. في إثيوبيا، تم تعليق الانتخابات الوطنية المرتقبة، التي كان من المقرر إجراؤها في آب/أغسطس، على الأرجح حتى نهاية العام، مما يعرّض البلاد لخطر أزمة دستورية.

وفي أرمينيا، تم تأجيل عمليات العدالة الانتقالية والعمليات السياسية الرئيسية. في ١ آذار/مارس، وبعد الإبلاغ عن أول حالة إصابة ب كوفيد-١٩ في البلاد، ألغى حزب العقد المدني الحاكم المسيرة السنوية لإحياء ذكرى الضحايا العشرة لاحتجاجات ٢٠٠٨ ضد الفساد، والتي كانت مقررة في وقت لاحق من ذلك اليوم. بعد فترة وجيزة، تم التخطيط لإجراء استفتاء دستوري في ٥ نيسان/أبريل، والذي اقترح فصل سبعة من قضاة المحكمة الدستورية التسعة الذين تم تعيينهم قبل انتخابات ٢٠١٨. بالإضافة الى ذلك، أدى إغلاق البلاد وحظر التجول إلى عرقلة خارطة الطريق للعدالة الانتقالية، التي رسمها قادة البلاد الجدد لإصلاح حكومة فاسدة وإنشاء عملية لتقصي الحقائق للتحقيق في الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان السابقة.

أهالي المفقودين يعتصمون أمام محكمة الجنايات في صيدا، لبنان (١٣ نيسان/ أبريل ٢٠٠٦)، كما فعلوا في كل عام منذ نهاية الحرب الأهلية. (مزنة المصري) 

وفي الوقت نفسه، أثّرت الأزمة الصحية الحالية على جهود الدعوة لتطبيق قانون المفقودين والمخفيين قسراً في لبنان، والذي يجب أن ينبثق عنه هيئة وطنية مستقلة للتحقيق في مصير المفقودين والمخفيين قسراً. ويبقى على الحكومة القيام بالكثير لتنفيذ هذا القانون الصادر في عام ٢٠١٨.

ضربت جائحة كوفيد-١٩ السودان بعد أقل من عام على بدء تحول سياسي تاريخي بعد عقود من الدكتاتورية والنزاع. أعلنت الحكومة حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد في منتصف آذار/مارس وأغلقت قطاعات واسعة من الاقتصاد وطالبت السكان بالحجر المنزلي. لكن هذه الإجراءات أخّرت محادثات السلام الجارية التي تهدف إلى حل النزاعات المتعددة في السودان فضلاً عن عمليات العدالة الانتقالية التي كافح المحتجون من أجلها خلال الثورة التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس البشير في ١١ نيسان/أبريل ٢٠١٩.

قمع الحريات المدنية

ومن المثير للقلق أن الحكومات في العديد من البلدان تستعمل التدابير الوقائية لقمع الحريات الفردية وتوسيع سلطة الدولة. في كينيا، تم اتهام دائرة الشرطة الوطنية باستخدام القوة المفرطة لتطبيق حظر مثير للجدل على الصعيد الوطني وحظر التجوال من الغسق حتى الفجر. ويقال أن الشرطة عذّبت واعتدت على أفراد زُعم أنهم انتهكوا القيود. وقد تورطوا في مقتل ١٤ مدنياً، بمن فيهم صبي عمره ١٣ عاماً أصيب برصاصة طائشة لضابط شرطة في مستوطنة غير رسمية في نيروبي. وبحسب ما ورد قامت الشرطة بابتزاز وطلب الرشاوى من الأشخاص الذين تم القبض عليهم والذين لم يلتزموا بالتوجيهات الإلزامية الأخرى مثل ارتداء قناع الوجه والتباعد الاجتماعي.

سلط هذا الوضع الضوء في العديد من البلدان على المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الكامنة في جذور عدم المساواة التاريخية والإقصاء والظلم.

وبالمثل، في أوغندا، أدى تطبيق القيود الحكومية الهادفة إلى الحد من انتشار وباء فيروس كورونا إلى سلسلة من انتهاكات حقوق الإنسان. وتُتهم الشرطة ووحدات الدفاع المحلية والأجهزة الأمنية الأخرى باستخدام القوة المفرطة لفرض الإجراءات. بعد يوم واحد فقط من سريان القيود، تم تصوير الشرطة ووحدات الدفاع المحلية التي كانت تقوم بدوريات وهي تضرب البائعات المتجولات وراكبي الدراجات النارية. كما تستخدم الحكومة الوباء كذريعة لإسكات النقّاد والصحفيين الذين يشككون في تصرفات الحكومة. في ١٣ نسيان/أبريل، تم اعتقال ناشط وكاتب سياسي بوحشية في منزله بتهمة "تعبئة الجمهور ضد الامتثال للتوجيهات الصحية لمكافحة فيروس كورونا"، بعد أن انتقد الرئيس وعائلته. بعد أسبوع، تم اعتقال صحافي بارز بعد أن كتب قصة عن اختلاس الأموال العامة المخصصة لمساعدة الأشخاص المتضررين من كوفيد-١٩.

في تونس، اقترح أحد أعضاء البرلمان مشروع قانون يهدف إلى مكافحة الأخبار الزائفة خلال أزمة كوفيد-١٩ والسيطرة على تدفق المعلومات التي يمكنها أن تؤثر على "الأمن القومي والنظام العام" على منصات وسائل التواصل الاجتماعي. اعتُبر مشروع القانون، على نطاق واسع، تهديدًا مباشرًا لحرية التعبير حيث سعت معظم أحكامه إلى تكميم الصحفيين والناشطين. لحسن الحظ، أدانه المجتمع المدني بسرعة وبقوة، وبعد ساعات قليلة فقط من تسرّب مشروع القانون إلى الصحافة، اضطر نفس عضو البرلمان إلى سحبه.

في ليبيا المجاورة، حيث أدى النزاع المستمر إلى تشتيت البلاد، تتباين إجراءات التعامل مع الوباء. في بنغازي، اتخذت السلطات نهجًا عسكريًا لاحتواء فيروس كورونا. يعتبر أي انتقاد علني لاستجابتهم للوباء فعل خيانة. في نيسان/أبريل، تم اعتقال طبيب عيون شاب بعد الإدلاء بتعليقات على التلفزيون اعتُبرت أنها تنتقد استجابة السلطات للأزمة الصحية، ليتم الإفراج عنه لاحقاً بحسب السلطات الرسمية.

إبقاء العدالة في الأفق

كما أشارت مكاتب المركز الدولي للعدالة الانتقالية، فإن الوباء الحالي ليس مجرد حالة طوارئ صحية عامة. إنها أزمة حقوق إنسان وعدالة. سلّط الوضع في العديد من البلدان الضوء على المشاكل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الكامنة في جذور عدم المساواة التاريخية والإقصاء والظلم. على وجه الخصوص، فإن البلدان الهشة، مثل تلك الخارجة من النزاع أو القمع، تواجه شتى الاحتمالات في هذه الحقبة الغير مستقرة. لقد عرّض فيروس كورونا، والتدابير الصارمة لاحتوائه، والعواقب الاقتصادية الوخيمة لكليهما، هذه المجتمعات إلى خطر متزايد من الاضطرابات الاجتماعية أو العنف أو حتى تكرار النزاع، بالإضافة إلى سوء المعاملة أو القمع من قبل الحكومات التي تسعى إلى توسيع نطاق سلطتها من خلال استغلال التدابير المتخذة لإبطاء انتشار المرض. بالنسبة للمجتمعات التي اتخذت خطواتها المتذبذبة الأولى نحو سلام مستدام وديمقراطية وحقيقة وعدالة وجبر الضرر، فإن الأزمة الحالية تهدد بإعادتها إلى نقطة البداية. ولكن، ليس بالضرورة أن تنتهي بهذه الطريقة. لا يجب أن تكون الاستجابات الحكومية والمجتمعية للوباء ضيقة أو قصيرة النظر. ويمكن أن تكون شاملة في نهجها ويجب أن تكون شاملة على أساس حقوق الإنسان والعدالة. بدلاً من تعريض السلام الهش والتقدم الذي تم تحقيقه بشق الأنفس للخطر، يمكن لهذه الحلول في الواقع منع العنف وتحسين الوئام الاجتماعي وزيادة الوصول إلى العدالة إذا أكدوا إحساس الجمهور بالعدل وكرامة المواطنين. لا يزال المركز الدولي للعدالة الانتقالية ثابتاً في التزاماته تجاه العدالة والسكان الأكثر ضعفاً في العالم والمركز على استعداد لدعم شركائه في المجتمع المدني ومؤسسات الدولة بكل الوسائل الممكنة لمساعدتهم على تطوير مثل هذه الحلول.