1 / 8

دراسة حالات

غواتيمالا

الخلفيّة التاريخيّة

Case Studies - Guatemala - Timeline

دراسات الحالة - غواتيمالا - الجدول الزمني

عاثت حربٌ أهليّة دمويّة خرابًا في غواتيمالا بين العامين 1960 و1996. أمّا طرفيّ النزاع الأساسيَان فكانا الحكومة التسلّطيّة والوحدة الثورية الوطنيّة الغواتيماليّة ذات الانتماء اليساريّ التي قادها السكّان الأصليون وهم أبناءُ الأقليّة الإثنيّة المايا بالإضافة إلى فلّاحي اللادينو.

أمّا جولات الحرب الأكثر عنفًا فوقعت في ثمانينات القرن الماضي، وذلك في ظلّ الحكومات المُتعاقبة التي ترأّسها كلّ من القائد فرناندو روميو لوكاس غارسيا من العام 1978 إلى العام 1982 ثم القائد خوسيه إفراين ريوس مونت من العام 1982 إلى العام 1983 والقائد أوسكار أومبرتو ميخيا فيكتوريس من العام 1983 إلى العام 1986 على التوالي. فقد شهدت هذه الفترة العصيبة من مُكافحة العصيان الكثيرَ من المجازر وتدابير "الأرض المحروقة" على امتداد الوطن.

في 23 من حزيران/ يونيو من العام 1994، وقّعَ كلّ من الحكومة الغواتيماليّة والوحدة الثوريّة الوطنيّة الغواتيماليّة اتفاقًا ينصّ على إنشاء لجنة توضيح انتهاكات حقوق الإنسان وأعمال العنف الماضيّة التي أدّت إلى مُعاناة الشعب الغواتيماليّ.

أبصرت لجنة التوضيح التاريخيّ في غواتيمالا النورَ خلال عمليّة السلام وذلك بوصفها أداة آيلة إلى تقصّي الحقائق وإحقاق المُصالحة على أراضي الوطن كلّها. وكسائر لجان الحقيقة، أُنشئَت لجنة التوضيح التاريخيّ بفعل توقيع اتفاق السلام، ثمّ ما لبثت أن انطلقت في مسيرة البحث عن الحقيقة المحفوفة بالعوائق.

وفي 25 شباط/ فبراير من العام 1999، أصدرت لجنة التوضيح التاريخيّ تقريرها النهائيّ الذي جاءَ بعدَ تمديد ولاية اللّجنة مدّة ستة أشهرٍ مرّتين على التوالي.

2 / 8

لجنة الحقيقة:

لجنة التوضيح التاريخي في غواتيمالا

HYBRID COMMISSION COMPOSED OF:

1 INTERNATIONAL AND 2 NATIONALS

OPERATIONS LASTED:

19 MONTHS

USD BUDGET:

$9,796,167

TOTAL OFFICES MAINTAINED:

FOURTEEN

INTERVIEWS CONDUCTED:

MORE THAN 7,000

VILLAGES VISITED:

MORE THAN 2,000

VICTIMS RECORDED:

MORE THAN 42,000

APPROXIMATE NUMBER OF PEOPLE KILLED OR DISAPPEARED:

200,000

PERCENTAGE OF HUMAN RIGHTS VIOLATIONS BY THE STATE:

93

 

هدف لجنة الحقيقة:

حدّدَ الاتفاقُ المُبرم في العام 1994 أهدافَ لجنة التوضيح التاريخيّ الثلاثة، ألا وهي:

1. توضيح انتهاكات حقوق الإنسان وأعمال العنف التي وقعت إبّانَ النزاع المُسلّح الداخليّ

2. إعداد تقريرٍ موضوعيّ يستندُ إلى التحقيقات التي أجرتها اللّجنة في شأن أحداث النزاع المُسلّح

3.وضعُ توصياتٍ خاصّة من شأنها أن تدفعَ قدمًا عمليّة انتقال غواتيمالا إلى مرحلة السلام، وتحديد التدابير الآيلة إلى تخليد ذكرى الضحايا وإلى تعزيز الوعي الثقافي في غواتيمالا بالإضافة إلى تفعيل الحقوق والحماية الديموقراطيّة.

 

3 / 8

وظائف اللّجنة وسلطاتها

Voices of Dignity

وثائقي من 30 دقيقة أنجزته مجموعة كونتراست (Contrast) في العام 2013 حولَ لجنة الحقيقة، وهو يُعدّ على قدرٍ من الأهميّة.

حدّدَ الاتفاق ما للجنة من سلطات وما عليها من وظائف تُخوّلها إتمام ولايتها خيرَ إتمام:

1. يجدر باللّجنة أن تتلقّى البيانات والمعلومات من الأفراد أو المؤسسات التي تُعدّ نفسها معنيّة ومن الأفرقاء على حدّ سواء.

2. ينبغي على اللّجنة أن تتولّى مسؤوليّة توضيح الظروف توضيحًا كاملًا ومُفصّلًا. هذا وينبغي عليها أن تُحلّلَ العوامل والظروف المنخرطة في هذه الحالات، وذلك في مُنتهى الحياديّة ودونما تحيّز. إلى ذلك، يُناطُ باللّجنة أن تستدعيَ كلّ من يُعتقد في حوزته معلومات ذات صلة ليقدّمَ روايته عن الأحداث. ويجب ألّا يُعيقَ تلكؤ المعنيين عن الإدلاء بشهاداتهم، اللجنةَ من التوصّل إلى حكمٍ في هذه الحالات.

3. لا يحقّ للجنة أن تُلقي مسؤوليّة على عاتق أيّ فرد، لا في معرض عملها ولا توصياتها ولا تقريرها، هذا ولا يترتّب على هذه الأخيرة أيّ آثارٍ قضائيّة.

4. ينبغي أن تتسمُّ عمليّات اللجنة بالسريّة التّامة وذلك بغية ضمان التكتّم على الموارد وسلامة الشهود والمعلومات.

5. فورَ تشكيل اللّجنة، ينبغي عليها أن تذيعَ هذا الخبر وتُعمّمَ الموقعَ الذي تعقد فيه الاجتماعات وذلك بالوسائل المُتاحة كافّة، كما ينبغي عليها أن تدعوَ الأفرقاء المُهتمة إلى أن تدلوَ بما في حوزتها من معلوماتٍ وشهادات.

4 / 8

تقرير اللّجنة النهائيّ

"عناصر من حكومة غواتيمالا (...) أقدمت على إبادة مجموعاتٍ من شعوب المايا التي تقطنُ في المناطق الأربع الخاضعة للدراسة."

تقرير اللجنة النهائي

شكّل التقرير ثمرة عمليّة بحثٍ معقّدة ضمّت عددًا من العناصر الأساسيّة، بما فيها:

  • جمع شهادات الضحايا وتوثيق الحالات
  • التحقيق في الحالات المُوثّقة
  • التحقيقات التاريخيّة والاجتماعيّة المحليّة بالإضافة إلى التقارير السياقيّة
  • المُقابلات مع الشهود الأساسيّين
  • البحث عن الوثائق والحالات البارزة
 

لم يُسمحُ للجنة أن تُحمّل أيّ فردٍ مسؤوليّة الانتهاكات، أي وبعبارة أكثر صراحةً، تسمية المُرتكبين المزعومين. وعوضَ ذلك، حُمِلَ أعضاء اللجنة على التركيز على المسؤوليّة المؤسساتيّة. وقد أتى هذا القرار أُكلهُ في شأن التوضيح التاريخيّ وإحقاق حقّ الضحايا في المعرفة.

وقد أقرّت خلاصة التقرير بمسؤوليّة الحكومة الغواتيماليّة عن أعمال العنف المُرتكبة إبّان الحرب الأهلية وعن ارتكاب إبادة في حقّ شعب المايا.

هذا وتضمّنَ تقرير لجنة التوضيح التاريخيّ تقييمًا شاملًا عن نطاق أعمال العنف ومدى انتشارها. وقد وردَ في هذه الفقرة المهمّة من التقرير شرحٌ مستفيضٌ عرضَ أسباب نشوب النزاع، وكذلك أعمال الظلم التاريخيّة ومكامن الضعف المتجذّرة في المؤسسات الوطنيّة.

وغطّت التوصياتُ الأسبابَ الموجبة كلّها الواردة في ولاية اللجنة الأصليّة. إلى ذلك، تطرّق التقرير إلى إمكانيّة وضع آليّةٍ تضمنُ إدخالَ هذه التوصيات حيّزَ التنفيذ.

5 / 8

التحديات

 

تقويض سلطات اللجنة

قوّضَ الاتفاق، الذي أُبرمَ في العام 1994 وأُنشِئَت بموجبه اللّجنة، سلطاتَ هذه الأخيرة، فحظرَ عليها تسطير مذكرات الجلب أو تسمية أفرادٍ محدّدين بوصفهم مسؤولين عن أعمال العنف في معرض تقريرها. إلى ذلك، نصّ الاتفاق على منح اللجنة مهلة زمنيّة تتراوح من ستة أشهر إلى سنة لتُتِمَّ عملها.

مخاوف المجتمع المدني

خالجت ناشطي المجتمع المدني مشاعر من الخوف والقلق من مسألة تقويض ولاية اللجنة وكيفيّة صياغتها. ففي الواقع، نتجَت الاتفاقات المُنشئَة للّجنة من النقاشات التي دارت بين الأفرقاء، دونما اللجوء إلى استشاراتٍ عامّة واسعة النطاق. هذا ولم تتطلّب ولاية اللجنة إجراء أيّ نقاشٍ إضافيّ كما ولم تقتضِ الاستحصال على موافقة مجلس النواب أو الحكومة. وعليه، لم تحظَ اللجنة لا بمرسومٍ تنفيذيّ ولا بقانونٍ يُحدّدُ ولايتها.

انعدام الأمن المالي

كانت اللّجنة تحظَى بانتباهٍ ودعم دوليَيْن، وعلى الرغم من ذلك، عانت انعدام أمنٍ ماليّ وافتقرت المُساندة المحليّة. وقد انتهى بها المطاف إلى الاعتماد على مُساهماتٍ من المجتمع الدولي شكّلت ما يُناهز التسعين في المئة من أموالها.

 

6 / 8

الإنجازات

 

يُنظرُ إلى اللجنة هذه على أنّها تجربة ناجحة، فهي:

1.جمعت عددًا وافيًا من المعلومات التي استحصلت عليها من الضحايا وعالجتها على نحوٍ مجدٍ؛

2.وأعدّت تقريرًا نهائيًّا شاملًا وأوردت فيه سجّلًا رسميًّا يُعدّدُ الجرائم الفظيعة وانتهاكات حقوق الإنسان المُرتكبة؛

3.ونجحت في كسب ثقة الضحايا إذ إنّها نمّت فيهم روح ملكية عملية تقصّي الحقائق كما أنّها أوردَت مطالبهم في تقريرها النهائيّ؛

4. وكان للنتائج التي توصّلت إليها وقعٌ طويل الأمد على الحياة السياسيّة والاجتماعيّة والقضائيّة في غواتيمالا (على الرغم من أنّ الحكومة لم تتقيّد بتوصيات اللجنة عندَ عرضها). فعلى سبيل المثيل، أُعِدَّ في العام 2003 برنامج جبر الضرر المعنيّ بالضحايا وفي العام 2013، مَثَلَ خوسيه إفراين ريوس مونت أمامَ المحكمة في قضية ارتكاب إبادةٍ وجرائم ضدّ الإنسانيّة.

 

7 / 8

الإنجازات

 

أعضاء لجنة كِفاء

إنّ انفتاحَ أعضاء اللجنة واستقلالهم عن أطراف النزاع إلى جانب عزمهم على إنجاز العمليّات مع التقيّد بأعلى مستوى من الشفافيّة المسموحة بموجب الولاية، أمورٌ اجتمعت فتتوّجت بعرض التقرير النهائيّ على الملأ في المسرح الوطني أمامَ آلاف المواطنين والحكومة وممثلي مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع

مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشريع، عمليّات لجنة التوضيح التاريخي في غواتيمالا ( The Operations of the Historical Clarification Commission in Guatemala)، الصفحة 41.

كان انتقاءُ أعضاء اللّجنة صائبًا، فقد سبقَ لرئيس اللجنة أن شغلَ منصب خبير الأمم المتحدة في غواتيمالا وحظيَ منذ شروعه بالعملِ على احترام مناصري المجتمع المدني، وهو الأمر الذي أعطى شرعيّة لتعيين الرئيس ولاختيار هذا الأخير عضوَيْ اللجنة الغواتيمالِيَيْن.

وتحسّنَ إدراكُ الجمهور ماهيّة اللجنة بفضل تبنّيها سياسية الباب المُشرّع التي سمحت للمُناصرين الوصول إلى اللجنة وضمنت الانخراطَ مع المجتمع المدني.

وقد جاءَ الغموض الذي يشوبُ ولاية اللجنة المنصوص عليها في اتفاق السلام بالمنفعة والجدوى، وذلك بفضل حنكة أعضاء اللجنة الشرعيين في اتخاذ القرارات السديدة. فقد أتاحَ الغموضُ هذا مجالًا واسعًا لتفسير عناصر اللجنة، وهو الأمر الذي يتطلّبُ اتخاذ أعضاء اللّجنة القرار الصائب والرشيد.

 

8 / 8

الإنجازات

 

الدعم الدولي

مدّ كلّ من المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة عمليّات اللجنة بما يلزمها من دعمٍ لوجستي وتقني وماليّ. فمنذ البداية، اتخذَ أعضاء اللجنة قرارًا حاسمًا يقتضي بطلب "العونَ من منظمة الأمم المتحدة في التوصّل إلى وضع الآليّة المُثلى الآيلة إلى تصميم هيكليّة دعم اللجنة التشغيليّ وتنظيمه." ونتجَ عن ذلك أن أعلنَ مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع في أيّار/ مايو من العام 1997، تحمّله مسؤولية إدارة أموال اللجنة ومكتب الدعم التابع لها (أي موظفي اللجنة).

وبفضل عون منظمة الأمم المتحدة وانفتاح أعضاء اللجنة على التدخّل الدولي، كبُرَت اللجنة ونمت إلى أن غدت أكبر لجنة حقيقة على الإطلاق، وقد ضمّت خبراءَ عملوا في برامج دوليّة شتّى.

العِبَر المُستخلصة

في ظلِّ سياقٍ يتّسمُ بإطارٍ عملٍ معقّدٍ وواسعٍ يؤول إلى إرساء السلام، يُمكن القيود ومكامن الضعف التي تبرزُ عندَ إنشاء اللجنة أن تتبدّدَ رويدًا رويدًا خلال مراحل التطوّر والعمل الميدانيّ.

لم تحُد لجنة غواتيمالا عن مسارها ولم تمسِ مجرّدَ عمليّة سطحيّة بفضل كفاءة أعضائها بالإضافة إلى الاهتمام الدوليّ الكبير. وفي الوقت نفسه، بدّدَ انفتاحُ أعضاء اللجنة الشكوك التي ساورت قادة المجتمع المدني الذينَ قدّموا دعمهم للجنة في نهاية المطاف.