لا بدّ للأحزاب المشاركة في عملية السلام أن توضح الأسباب التي تقف وراء تشكيل لجنة حقيقة من ضمن عملية السلام، فقد تخفي الدوافع المبهمة والفضفاضة تطلعات غير متناغمة تعيق عملية السلام في ما بعد. وفي الوقت نفسه، لا بدّ من أن تقترن أهداف اللجنة بالواقعية. فالنزاهة هي حجر الزاوية في ضمان مدى مشاركة كل فريق والتزامه بعملية السلام.
من الأهميّة بمكان تحديد نوع النزاع الذي تتطرق إليه محادثات السّلام ووزن الموقف العام من عمليات تقصي الحقيقة، إذ إن الترويج المفرط للجنة لا تحظى بتأيد أو تفهم شعبي كامل يضعف شعبيتها ويجعلها بالتالي غير قادرة على تخطي المعوقات.
ومن العناصر الأخرى التي لا بدّ من أخذها في عين الاعتبار نذكر: درجات التدقيق ووقف القتال وقفًا فاعلًا. ولا بدّ أيضًا من التأكد من أن الدولة قادرة على تجنيد الطاقات والموارد المناسبة لدعم تدابير العدالة الانتقالية التي اتخذتها.
لا بدّ للوسطاء والعاملين في مجال العدالة الانتقالية من أن يقيّموا تسلسل تدابير العدالة الانتقالية ويحددوا أيًا من هذه التدابير أكثر ضمانةً من غيرها. فقد أدت الرغبة الشديدة في السرعة والآنية ببعض عمليات السلام إلى حصر التطلعات والمهام كافة بمؤسسة واحدة. وهذه حالة قد تؤدي في نهاية المطاف إلى ولاية قد تطول أكثر من اللازم وأدوات شرعية معقّدة وموارد مستنزفة بشكل غير واقعي.
سببت كثرة المعايير التي تحكم تشكيل لجنة حقيقة وتنفيذ مقرراتها سلسلة من المشاكل في بعض الأحيان، إذ يستحيل نقل الممارسات كافة فيما يحدّ القبول بعدد كبير من الاقتراحات الملزمة من مبادرة المعنيين وطاقتهم على الإبداع. وفي الوقت نفسه، لا يمكن تجاهل أهمية احترام التزامات حقوق الإنسان: ففي غياب التزام صارم بحقوق الإنسان قد يمارس مفاوضو السلام ضغوطًا على مختلف الأطراف بهدف حرمان الضحايا من حقها مقابل عفو شامل أو تحقيقات جنائية غير كافية.
ولا بدّ للمشاركين في عملية السلام من أن يتحلّوا بدرجة من المرونة والإبداع ، دائمًا في إطار المعايير التي وضعتها التزامات حقوق الإنسان كي يضمنوا أفضل الحظوظ لأي لجنة حقيقة قد ترى النور في المستقبل. وهذا يشمل قرارات هادفة بشأن سرعة عملية السلام، ومدى السلطات المعطاة للجنة، وتعيين أعضائها…
إن تعيين أعضاء فاعلين وضمان توظيفهم أشخاصًا كفاء ضروريّ لنجاح لجنة الحقيقة. ولا بدّ للأعضاء من أن: يتخذوا قرارات حاسمة بشأن أولويات اللجنة وطرقها، ويُبدّدوا أي غموض يشوب ولايتهم، ويلتزموا بالحوار مع القاعدة الشعبية، وينسجوا التحالفات، ويبطلوا محاولات وقف عمليات السلام. وتضعُف اللجنة عندما ينشغل أعضاؤها بسياساتها الداخلية.